جميل الخلاوي

2日前
ar
サンプル
1Default Sample
تأملت المشهد من أعلى التل، حيث تتراقص أغصان الزيتون مع نسمات الصباح. القرية القديمة تستيقظ ببطء، وكأنها لوحة تتشكل ألوانها مع كل شروق. البيوت الحجرية تحكي قصص الأجداد، والطرقات الضيقة تحفظ أسرار الزمن.
説明
ماجل بوعلام... ذاكرة الماء والناس في قلب عمادة الرحيبة الشمالية، وتحديدًا في الأرض الطيبة التي تتبع معتمدية قفصة الشمالية، كان ماجل بوعلام لا يُشبه سواه. لم يكن مجرّد حوض ماء، بل كان شريان حياة ينبض في صدر عمرة القديمة. هناك، حيث الأرض تُنبت الكرامة والناس يشربون من ذات النبع بلا حقد ولا حسابات، كان الماجل يحتضن أكثر من أربعة عروش،( الهناشرية، الزعابطية اولاد عبد الكريم، اولاد مبارك ،النوايل،) يوحّدهم العطش، وتجمعهم بركة المطر. سنوات وسنوات، بقي هذا الماجل شاهدًا على زمن الماء الطيّب، زمن الغيث المبارك، زمن ما قبل الجفاف القاسي والجشع الذي مزّق الأواصر. كان الماجل يمتلئ وحده، دون مضخة، ... فقط رحمة من السماء، ومجرى إسمنتي بسيط يصفي #الماء من الماجل الصغير ويوجّهه نحو الحوض الكبير، وكأن الطبيعة كانت تُصلي لأجله. كان الناس يترقب المطر كما يُترقب الحبيب العائد من الغياب. وإذا أمطرت السماء، صمتت عمرة كلها احترامًا لهيبة الامتلاء. كنا نهرع، كبارًا وصغارًا، لنشهد مشهدًا يكاد يكون معجزة: الماجل يفيض، يتنفس، يرسل مياهه عبر مجرى بوعلام نحو المنسية، فالزعابطية، ثم يتوزّع في السهول القريبة ليصل إلى حدود اولاد عبد الكريم ... كانت الأرض ترتوي، وكان الفلاح يرفع يديه للسماء، شاكرًا، باكيًا، فرِحًا. وكانت الحياة... نعم، كانت هناك حياة. حراير عمرة كنّ يجتمعن على ضفافه، يغسلن الصوف، وينظفن الأدباش، وتعلو الزغاريد. في الركن الآخر، كان الحمام يُملأ بعد جزّ الأغنام، فتُعَوَّم القطعان، وتُغسل كما يُغسل الحنين. شاهدتُ هذا بعينيّ. عشتُه بجسدي وروحي. ماجل بوعلام لم يكن مجرّد مرفق... كان روحًا، كان وطنًا صغيرًا. وكان له حارس، وكان له شأن عند الدولة، كانت هذه العروش ، يمرّون به كمن يمرّ على مقام وليّ صالح. كل ذلك محفوظ في الذاكرة، مدوّن في أرشيف الذكريات ، محفور في القلوب. ولكن... أين ذهبت تلك البركة؟ أين اختفت الرحمة التي كانت تنزل مع المطر؟ ماتت الأيام التي لم تكن تعرف ، الحقد ، ولا الحسابات الضيقة. رحلت عمرة البية، عمرة الجدود، عمرة الكرامة، وتركَتنا نتحسّر على ما كان. ذكريات ماجل بوعلام لا تعود، لكنها تعيش فينا، مهما طال الزمن.
いいね数
0
マーク数
0
共有数
0
使用回数
1